أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - شهادة الشيوعيين















المزيد.....

شهادة الشيوعيين


فؤاد النمري

الحوار المتمدن-العدد: 3665 - 2012 / 3 / 12 - 15:28
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


شهادة الشيوعيين
" إن الموت لا يخيف المناضل، بل هو واجب يستعد لتأديته كلما كان ذلك ضرورياً " ـ هذا كان من ضوابط العمل لدى الشيوعيين المغاربة في العام 1973. ليس بوسع الشيوعيين في العالم إلا أن يحنوا هاماتهم إجلالاً لروح التضحية والفداء لدى الشيوعيين المغاربة كما لدي الشيوعيين العراقيين وهو ما يعبر في النهاية عن تعلقهم بالقيم الإنسانية الرفيعة وانتصارهم لها بغض النظر عن الكلفة العالية التي يقتضيها مثل هذا الفداء من الفرد الشيوعي. الرفيق رفيق عبد الكريم الخطابي كتب في " الحوار المتمدن " ليوم 3 مارس الجاري يعدد شهداء الشيوعيين المغاربة ويحيي الشيوعيين المضربين عن الطعام حتى الموت في سجون النظام المغربي.

ليس بوسع المرء إلا أن يتساءل هنا لماذا يستشهد الشيوعيون " وتتحول الزنازين من أداة إخضاع وإذلال واستعباد إلى واحات للحرية والنضال " عن طريق الإضرابات الموسعة عن الطعام في المغرب ولا يحدث شيء من هذا في البلدان المغاربية الأخرى كالجزائر مثلاً علماً بأن الحسن الثاني ملك المغرب لم يكن أكثر عداءً للشيوعية من الهواري بومدين الرئيس الجزائري!؟ الأمين العام للحزب الشيوعي في المغرب " علي يعتة " كان من الأصدقاء المقربين للملك الحسن بينما الهواري قام بانقلاب عسكري على الرئيس أحمد بن بللا وسجنه 25 عاماً دون محاكمة لأنه فقط قريب من الشيوعيين وصرح بأن الجزائر ستنتهج نهج الاشتراكية العلمية (الماركسية)؛ الحزب الشيوعي ظل حزباً شرعياً في مغرب الحسن وحزباً ممنوعاً في جزائر الهواري. لم يستشهد أحد من الشيوعيين في الجزائر رغم كل الحجر المحكم على مختلف الحريات والتنظيمات السياسية فيها وبالمقابل استشهد عدد من الشيوعيين في المغرب رغم كل الحريات والتنظيمات السياسية فيه، فلماذا يكون هذا ؟ وهل كان ذلك ضرورياً كما حكم ضابط العمل الشيوعي في المغرب ؟

نقرأ مقالة الرفيق الخطابي فندرك السبب. يكتب الرفيق مقالته بروح ثورية عالية ترقى لأن تكون روح النزال الأخير والمعركة الفاصلة بين الشيوعيين وأعداء الشيوعية وأن الانتقال إلى الاشتراكية في المغرب هو في متناول اليد وقيد التحقق وعليه فالأمر يستحق من الشيوعيين التضحية بالروح ! هل حدث أن كان الأمر كذلك في المغرب ؟ هل المغرب اليوم هو من مراكز الرأسمالية العالمية مثله مثل ألمانيا في عشرينيات القرن المنصرم ؟ إن لم يكن الأمر كذلك فما الذي إذاً يستحق الاستشهاد من الشيوعيين ؟ ضابط العمل الشيوعي الذي قررته حركة " إلى الأمام " الماركسية اللينينية في العام 1973 قال .. " إن الموت لا يخيف المناضل، بل هو واجب يستعد لتأديته كلما كان ذلك ضرورياً " . لقد اشترط الاستشهاد بالضرورة وعندما لا تكون هناك ضرورة فالاستشهاد عندئذٍ لا يكون أقل من استهتار بالنفس البشرية، النفس المؤهلة للمشاركة في تقدم البشرية. يحضرني في هذا السياق تفاخر الحزب الشيوعي العراقي بكونه حزب الشهداء. من المعروف بصورة عامة أن لدى الحزب الشيوعي العراقي عزوف عن استلام السلطة تبعاً لنصائح من المرتد خروشتشوف ولم يسبق له أن قام بأية محاولة تنم عن ميل لديه لاستلام السلطة، فلماذا إذاً هو حزب الشهداء ؟ هل استشهد خيرة الرفاق عندما كان ذلك ضروريا أم كان ذلك تفريطاً من قيادة الحزب بحياة أفضل الكوادر في معارك لا ضرورة لها؟؟ سؤال يطرحه التاريخ وآلاف العراقيين الذين خرجوا من الحزب.

لئن خشي الأعداء من الحزب الشيوعي العراقي كونه قادراً على استلام السلطة ولذلك أوقعوا به خسائر جسيمة رغم عزوفه المعروف عن السلطة، فالأمر ليس كذلك بالنسبة للحزب الشيوعي المغربي الذي لم يحدث أن شكل تهديداً مباشراً للسلطة، وما كان للأمر أن يكون خلاف ذلك حيث النهوض القومي البورجوازي في المغرب كان متخلفاً عنه في العراق، بل وعنه في الجزائر المجاورة. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو .. هل كان الحزب الشيوعي في المغرب يشتري الأعداء عندما لا يجدهم في مواجهته خاصة وأن السلطات كانت تعترف بوجوده رسمياً بين ظهرانيها. لماذا إذاً كل هؤلاء الشهداء في المغرب وإضرابات الجوع !؟ من نافلة القول أن الحزب الذي يبذل جهوداً حثيثة في العناية بالوعي والتقدم الفكري لدى كوادره عليه بالتوازي، بل قبل ذلك، أن يعنى بسلامتهم ويحرص على أرواحهم دون تعريضهم لأخطار يفقدهم بفعلها الحزب دون مقابل. الشيوعيون هم أغلى ما تملكه طبقة البروليتاريا ولذلك فإن الحرص على أرواحهم إنما هو من قبيل الحرص على مستقبل البروليتاريا والانتصار العالمي الحاسم للاشتراكية.

المشروع اللينيني هو منطلق العمل الشيوعي لدى أحزاب الأممية الثالثة، أممية لينين. أسس لينين نفسه أمميته على مسارين في العالم .. المسار الأول وهو قيام الحزب الشيوعي بالإطاحة بالدولة الرأسمالية واستلام السلطة في مراكز الرأسمالية، والمسار الثاني هو قيام الحزب الشيوعي بدعم البورجوازية الوطنية في البلدان المستعمرة والتابعة في مسارها نحو فك الروابط مع مراكز الرأسمالية العالمية. وفي هذا المسار اصطياد عصفورين بحجر واحد، ففيه أولاً ضعضعة وتفتيت جبهة الرأسمالية العالمية، وفيه ثانياً تطوير وسائل الانتاج المحلية. ويجدر أن نشير هنا إلى أن لينين كان قد اشترط على الحزب الشيوعي في البلدان المستعمرة والتابعة أن يدعم البورجوازية الوطنية وإلا فلن يقبل عضواً في الأممية الثالثة. وهنا يسأل المرء .. لماذا يستشهد حلفاء البورجوازية الوطنية، الشيوعيون، ولا يستشهد البورجوازيون الوطنيون وهم رأس التحالف ؟؟ هذا سؤال فيصل تكتسي الإجابة عليه أهمية كبرى في العمل الشيوعي.

العمل الشيوعي في البلدان المستعمرة والتابعة ينطوي على تناقض لا سبيل إلى تجاوزه. يتحالف الشيوعيون مع البورجوازية الوطنية في مقاومة العدو الخارجي الإمبريالي لكنهم أساساً في تناقض مع البورجوازية الوطنية في منهجها الرأسمالي. ثورة التحرر الوطني العالمية ما كانت لتلعب على المسرح الدولي دوراً رئيسياً بغير وجود الاتحاد السوفياتي وتطورة حتى غدا أقوى دول العالم في نهاية الحرب العالمية الثانية. ثلاثة قوى رئيسة اشتبكت في معركة التحرر الوطني التي امتدت من 1946 إلى 1972 وهي ..
1. القوى الاشتراكية ومركزها موسكو وقد وجدت هذه القوى طريقاً لتفكيك الرأسمالية العالمية وهو أن تهاجمها من الخلف، من مرتكزاتها في البلدان المستعمرة والتابعة، فكان أن اشترط لينين على الأحزاب الشيوعية فيها التحالف مع البورجوازية الوطنية ودعم ثورتها في التحرر الوطني وفك الروابط مع مراكز الرأسمالية. لقد لعب الاتحاد السوفياتي في الخمسينيات دوراً رئيسياً في حماية ثورة التحرر الوطني في العالم العربي بصورة خاصة. كما حافظ الشيوعيون في البلدان المستعمرة والتابعة على ارتباطهم الوثيق بمركز الثورة ، موسكو، إذ بدون هذا الارتباط الوثيق يفقدون شيوعيتهم المؤسسة أصلاً على مشروع لينين.
2. قوى التحرر الوطني البورجوازية وقد نجحت مصر الناصرية لأن تكون مركزها العالمي المتقدم. انطوى موقف البورجوازية الوطنية على تناقض صارخ. فهي، وهي تقاتل الامبريالية بكل عزومها تحت المظلة السوفياتية، تجهد بنفس الوقت في عزل الشيوعيين عن مركزهم موسكو كتاكتيك لإماتتهم. ولذلك كان عبد الناصر يصادق بقوة الاتحاد السوفيلتي ويعزل بقوة الشيوعيين المصريين، والبورجوازية الشامية كانت قد استأجرت حزب البعث الشامي لمقاومة الشيوعية.
3. قوى الامبريالية ومركزها الولايات المتحدة الأميركية وكانت هذه القوى وبحكم نمط إنتاجها أكثر وعياً من البورجوازية الوطنية إذ كانت تعتبر انتصار البورجوازية الوطنية في معركة التحرر الوطني إنما هو انتقال أوتوماتيكي إلى معسكر الاشتراكية، ولذلك كانت تعتبر البورجوازية الوطنية عدوها الأول.
من هنا يمكن القول أن شهادة الرفاق يوسف سلمان يوسف (فهد) وحسين محمد الشبيبي وزكي بسيم حازم في العراق (49) وفرج الله الحلو في سوريا (59) وشهدي عطيه في مصر (59) وعبد الفتاح تولستان في الأردن (61) وحسين الرضي (سلام عادل) في العراق (63) وعبد الخالق محجوب في السودان (71) وشهادة رفاق كثيرين غيرهم ما كانت لتكون لولا حماية وحدة العمل الشيوعي أو ما يسميه الأعداء " العمالة لموسكو ". يفوت الكثيرين أن الثورة الاشتراكية هي بطبيعتها ثورة ذات وحدة عضوية عالمية تمركزت في موسكو في حين أنهم يقبلون مبدئياً وحدة عضوية في الجبهة الرأسمالية رغم انقساماتها الخلوية المعروفة. على كل الآخرين أن يقرّوا بأنه لولا قيام مشروع لينين في موسكو لما قامت أحزاب شيوعية في بلدان العالم الثالث على الأقل.

لئن كان لدينا ما يفسر استشهاد الشيوعيين خلال فترة التحرر الوطني حين واجهوا قوى البورجوازية الوطنية في سعيها المحموم لعزلهم عن مركزهم موسكو، وقدموا التضحيات الكبيرة حفاظاً على وحدة الحركة الشيوعية والترابط الحيوي بين المركز والأطراف تحقيقاً لنداء ماركس وانجلز الشهير " يا عال العالم اتحدوا ! "، فليس لدينا اليوم ما يبرر ذلك حيث لم يعد هناك ما يمكن وصفه بوحدة الحركة الشيوعية بل لم يعد هناك حركة شيوعية حقيقية واعدة بالانتقال إلى النظام الاشتراكي، بل أكثر من ذلك فالعكس هو الصحيح حيث العالم ما يزال منذ سبتمبر 1953 وحتى اليوم في فترة تفكك الحركة الشيوعية التي تأسست على اللينينية نتيجة لانهيار أساسها وهو مشروع لينين.

ما فات سائر الشيوعيين، وأنا منهم، حتى أولئك الذين في قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي باستثناء خروشتشوف رجل العسكر والمتعاون معهم قبل أن يطيحوا به في أكتوبر 1964 حين بدأ يضيق بهم وينشق عنهم، فاتهم أن القرار الوطني لم يعد بيد الحزب منذ اجتماع اللجنة المركزية الخياني في سبتمبر ايلول 1953 بل بيد العسكر وأن الدولة لم تعد دولة دكتاتورية البروليتاريا بل دولة دكتاتورية العسكر والمخابرات حصرياً المكلفة بتفكيك مشروع لينين، دولة البورجوازية الوضيعة التي هي في الواقع وعلى صعيد تقسيم العمل الإجتماعي أعدى أعداء الاشتراكية. مؤتمر الحزب العام برئاسة ستالين قرر في نوفمبر 52 توجيه الإقتصاد نحو الصناعات الخفيفة لخير ورفاه البروليتاريا السوفياتية لكن اللجنة المركزية في سبتمبر 53 قررت توجيه الاقتصاد نحو الصناعات الثقيلة التي لم تعنِ فعلياً سوى صناعة الأسلحة ورفض أية توظيفات مالية جديدة في الصناعات الخفيفة وهو ما دفع بمالنكوف إلى الاستقالة من مركز الأمين العام. مؤتمر الحزب برئاسة ستالين في نوفمبر 52 قرر التوجه نحو تفكيك طبقة الفلاحين ودلالة على ذلك ألغي توصيف الحزب الشيوعي بالبولشفي، واللجنة المركزية في اجتماعها في سبتمبر 53 قررت زيادة دعم الفلاحين. مؤتمر الحزب العام برئاسة ستالين في نوفمبر 52 قرر مضاعفة عدد أعضاء المكتب السياسي ليكون 24 عضواً ولذلك سمّى 12 عضوا جديداً، واجتماع اللجنة المركزية في سبتمبر 53 ألغي القرار وأبقي على العدد 12 عضواً فقط ــ من المعروف قانوناً وعرفاً أن قرارات المؤتمر العام للحزب لا يلغيها إلا المؤتمر العام وليس لجنته المركزية المعينة أصلاً لتنفيذ مقررات المؤتمر لا أكثر ولا أقل ــ المؤتمر العام برئاسة ستالين في نوفمبر 52 قرر الإسراع في عبور الاشتراكية نحو الشيوعية واللجنة المركزية في سبتمبر 53 قررت الرجوع عن الاشتراكية !! وهنا لا بد للمرء من أن يتوقف أمام عبقرية ستالين في استشراف المستقبل وقراءته حين خاطب المندوبين في المؤتمر بصوت جهوري ليقول أن أعضاء المكتب السياسي الماثلين في المؤتمر لن يوصلوا المجتمع السوفياتي إلى الشيوعية. وأخاله كان سيقول .. سيرتد هؤلاء عن الشيوعية. ومع ذلك أعيد انتخاب نفس أعضاء المكتب السياسي جميعهم بمن في ذلك مولوتوف الذي وجه إليه ستالين نقداً لاذعاً بغير حق.

نعود إلى خطاب رفيقنا رفيق عبد الكريم الخطابي الذي يشجع الشيوعيين المغاربة على تحويل زنازين النظام المغربي إلى ساحات للمعارك ضد الأعداء وسلاح الشيوعيين فيها هو الاستشهاد وإضرابات الجوع متناسياً شرط الضرورة في ضابط العمل الشيوعي. نعود لنسأله عن الضرورة المستوجبة لهذه المعارك كيلا تكون معارك دونكيشوتية، ما عساها تكون ضرورة هذه المعارك المكلفة لحياة الشيوعيين ؟ من هم الأعداء ؟ وما عساها تكون فائدة الشيوعيين في حالة انتصارهم على الأعداء ؟ ليس ثمة من أجوبة فاصلة على كل هذه التساؤلات. بل السؤال الأكثر إيجاعاً في هذا السياق هو .. هل كان فرج الله الحلو وشهدي عطية وعبد الفتاح تولستان وسلام عادل ليقدموا أنفسهم قرابين على مذبح الشيوعية لو كانوا يعلمون أن قيادة الحركة الشيوعية العالمية كانت قد سقطت منذ سبتمبر أيلول 1953 بأيدي البورجوازية الوضيعة المعادية للاشتراكية، ولم تعد دولة الاتحاد السوفياتي دولة دكتاتورية البروليتاريا ؟ بل هل كانوا هم وغيرهم لينضم لأحزاب تابعة لدولة البورجوازية الوضيعة ممثلة بالعسكر والمخابرات ؟ ملايين الشيوعيين في العالم كانوا على استعداد لأن يضحوا بأرواحهم قرابين على مذبح الشيوعية وهم على ثقة بأن تضحياتهم لن تضيع سدى وأن قيادتهم في موسكو تقودهم في معارج النصر العالمي الحاسم للاشتراكية وتحرير الإنسانية جمعاء من قيد الإنتاج الصدئ، لكن نفراً منهم ما كان ليخطو خطوة صغيرة وراء عصابات البورجوازية الوضيعة. صحيح أن المثل العليا هي التي قادت الشيوعيين لأن يضحوا بأرواحهم لكن تلك المثل العليا ما كانت لتكون في المتناول لولا التطور الثوري لعلاقات الإنتاج والعلاقات الدولية في العالم، مثلاً صنعتها على الأرض قيادة لينينية للثورة الاشتراكية العالمية، ثورة ماركس ولينين.

البورجوازية الوطنية كانت تعلم تماماً أنها ما كانت لتحقق ثورتها التحررية أية نجاحات وتنجز الاستقلال بغير مظلة الحماية السوفياتية الأمر الذي يزيد من ذعرها من وحدة الحركة الشيوعية التي هي مكمن قوتها. لنفرض الآن أن الأحزاب الشيوعية العربية كانت على وعي تام باغتيال مشروع لينين في اجتماع اللجنة المركزية في سبتمبر ايلول 1953 وهبّت إذّاك تشجب إنقلاب زمرة خروشتشوف على مقررات المؤتمر العام للحزب في نوفمبر 52 وأصدرت بيانات تعبر عن موقفها الماركسي اللينيني المعارض، وهو ما كان واجبها يقتضيه، فهل كانت البورجوازية العربية عندئذٍ ستلاحق الشيوعيين الملتزمين بالموقف الماركسي اللينيني الصحيح وتسومهم أقسى أنواع العذاب وتقتلهم !؟ ميزان الربح والخسارة البورجوازي لا يقول بذلك، بل على العكس، ستقوم البورجوازية العربية إذّاك بحماية الشيوعيين وستدافع عنهم في مواجهة العصابة السوفيتية المعادية للإشتراكية باعتبارهم قوى وطنية لهم الحرية في تقرير سياساتهم. الكثيرون من الشيوعيين كانوا سيضحون بأرواحهم على مذبح الشيوعية في الخمسينيات والستينيات لأنهم لم يكونوا على وعي تام ولم يعرفوا أن قيادتهم آلت إلى عصابة من البورجوازية الوضيعة المعادية للاشتراكية.

أولى المسائل الجوهرية التي تعيق العمل الشيوعي المعاصر هو تجاهل الشيوعيين لأهمية وحدة العمل الشيوعي في العالم التي لا تتجزأ. على هذه الوحدة أسس ماركس ولينين نظريتهما في الثورة الاشتراكية. قال ماركس بالثورة في مركز الرأسمالية العالمية وهو ما يكفي لانتقال العالم كله إلى الاشتراكية لأن النظام الرأسمالي جعل من العالم وحدة اقتصادية واحدة مترابطة، أما لينين الذي عايش مرحلة الامبريالية التي لم يعايشها ماركس فقد رأى أن الثورة قد تنفجر في أضعف مراكز الرأسمالية العالمية وتنتشر أمواجها إلى ما وراء حدود المركز لتحاصر المراكز الأخرى وتخنقها من خلال تجريدها من الأطراف. الإحباط والخيبة اللذان خلفهما انهيار مشروع لينين لدى بعض المشغوفين بالتنظير جعلاهم يخرجون علينا بنظرية لا تعني إلا هروباً من المسؤولية وهدراً للعمل الشيوعي، نظرية تقول بإمكان قيام الثورة الاشتراكية في أحد الأطرف وتمتد لتحاصر المركز وتخنقه !! مثل هؤلاء المنظرين المنحرفين يقودون العمل الشيوعي المكلف والثمين إلى الضياع. لا يمكن أن تقهر كوبا الاشتراكية الولايات المتحدة الرأسمالية، بل العكس هو الصحيح إذ بعد انهيار مركز الثورة الاشتراكية، الاتحاد السوفياتي، امتنعت الاشتراكية على كوبا وعلى فيتنام وحتى على دولة عظمى كالصين. فقراء أميركا اللاتينية لن يبنوا الاشتراكية، الاشتراكية تبنيها البروليتاريا فقط. ورب أحد هؤلاء المنظرين المنحرفين يحاجج بأن البرازيل اليوم هي أكثر تقدماً من روسيا القيصرية في العام 1917. هذا صحيح لكن عالم اليوم ليس هو عالم العام 1917. ثم ثورة أكتوبر الاشتراكية ما كانت لتكون لولا هزيمة قوات القيصر أمام القوات الألمانية، وهل كانت ستكون لو أن قوات القيصر هي التي انتصرت على القوات الألمانية !؟ وما كانت لتقوم حينها أيضاً لو لم تنظم القوى البورجوازية والرجعية ثورة مضادة في مارس آذار 1918.

نعود لنسأل رفيقنا الخطابي .. لماذا يتقدم الشيوعيون المغاربة اليوم للإستشهاد وإضرابات الجوع في السجون ؟؟ هل يخططون لقيام ثورة اشتراكية في المغرب أم لماذا !؟ لن يجد الخطابي ورفاقه أي جواب آخرعلى سؤالي هذا غير الديموقراطية والعدالة الاجتماعية. الديموقراطية والعدالة الاجتماعية لا يستحقان استشهاد الشيوعيين. مثل هذه الأهداف البورجوازية الإصلاحية الخادعة ليست من أهداف الشيوعيين وهي متداولة بين مختلف الأحزاب البورجوازية التي لا تدفع قلامة ظفر من أجل تحقيقها المزعوم. فعلامَ يدفع الشيوعيون المغاربة أرواحهم ودماءهم ؟؟ هذا سؤال برسم الاجابة من الشيوعيين المغاربة. أسأل سؤالي هذا عامداً من أجل أن يتفكر الشيوعيون كيف يكونون شيوعيين حقيقيين.

www.fuadnimri.yolasite.com



#فؤاد_النمري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجمود العقائدي
- لماذا يغير المثقفون قناعتهم
- الساقطون الهاربون من انهيار مشروع لينين
- لينين باقٍ في التاريخ
- الإسلام كما القومية لا يمتلكان فكراً
- رسالة إلى الحزب الشيوعي الفلسطيني
- شبح الشيوعية لم يعد يحوم في السماء
- عن أي يسار يكتب كتبة اليسار !؟
- مواجهة مع أحد المرتدين
- نهاية إقتصاد السوق
- رفيقنا الشيوعي الأميز علي الأسدي
- ليست الأخطاء هي التي أفشلت الاشتراكية
- العمل الشيوعي في عالم خارج التاريخ
- في نقد الإشتراكية السوفياتية
- من الديموقراطية إلى الشيوعية
- خيانة الاشتراكية وانهيار الإتحاد السوفياتي
- دور النقد في انهيار الرأسمالية
- المثقفون وسقوط التاريخ
- اللغو البغو تلغيه وقائع التاريخ
- نذر الكارثة الإقتصادية تقرع طبولها


المزيد.....




- انتشار التعبئة الطلابية ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية
- بيلوسي للطلبة المتظاهرين: انتقدوا إسرائيل كما شئتم لكن لا تن ...
- فرنسا: القضاء يوجه اتهامات لسبعة أكراد للاشتباه بتمويلهم حزب ...
- ضغوط أميركية لتغيير نظام جنوب أفريقيا… فما مصير الدعوى في ال ...
- الشرطة الإسرائيلية تفرق متظاهرين عند معبر -إيرز- شمال غزة يط ...
- وزير الخارجية البولندي: كالينينغراد هي -طراد صواريخ روسي غير ...
- “الفراخ والبيض بكام النهاردة؟” .. أسعار بورصة الدواجن اليوم ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- م.م.ن.ص// تصريح بنشوة الفرح
- م.م.ن.ص// طبول الحرب العالمية تتصاعد، امريكا تزيد الزيت في ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد النمري - شهادة الشيوعيين